بســـــــــــــــــم اللــــــــه الرحمـــــــــــــــــــان الرحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
دواء قلبك في.....(1)
الحمد لله رب العالمين مقلب القلوب ومغير الأحوال،له مقاليد الأمور،الحمد لله على كل حال ونعوذ بالله من حال أهل النار، وصلى الله وسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة،البشير النذير والسراج المنير، الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور وهداهم إلى صراط الله المستقيم،ورضي الله عن الصحابة أجمعين وآل بيته والتابعين،ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين ونحن معهم إن شاء الله رب العالمين.
إن المتأمل في أحوال النفس البشرية وفي واقع المسلمين اليوم يلحظ على عجل الغفلة التي يسبح فيها كثير من الناس،تتقاذفهم الأحداث ،وتلعب بهم الأهواء والشهوات ،وتستقطبهم وتستهويهم الملهيات والمغريات. حتى وكأني بالحس تبلد ،وبالمشاعر قد تكلست وتحجرت .لا يعظمون شعائر الله حق التعظيم،ولا يقومون بالواجبات الدينية والدعوية والإجتماعية والثقافية حق الأداء ،لا مبادرة في اتجاه النهوض بالمجتمع وبقضاياه .الكل إن لم أكن مبالغا متمركز حول الذات، يدور في هذا الفلك وهذا الحيز الضيق بل هذا السجن الصغير ،لا يحرك ساكنا،ولا يحمل هما إلا ما كان من أجل المصلحة الشخصية ،هذا الصنم الجديد،الذي أصبحت تشد إليه الرحال، وتبذل من أجله الجهود والأموال والأوقات،وتعقد الصفقات وتمد الجسور وتنسج العلاقات.
يسأل سائل أين الخلل،أين المرض، ما علة كل هذه الظواهر السلبية التي يحاربها الدين، وتأباها الفطرة السليمة،ويمجها صاحب الذوق السليم. الإجابة باختصار وفي وضوح ،تام دونما تفلسف في كتاب الله تعالى:" قل من عند أنفسكم" وفي وصفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصف فيها حال الأمة لما يبتعد الأفراد ويتنكبون الطريق ،ويقصرون في أداء الواجبات والفرائض :"...قال: لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم ،ويوضع في قلوبكم الوهن،قالوا: يارسول الله وما الوهن ،قال : حب الدنيا وكراهية الموت." إذا هناك "وهن أصاب القلوب فضعف الوازع الديني والإيماني عند الكثير" فتأخروا إلا من رحم ربك وقليل ما هم :"وقليل من عبادي الشكور."ورحم الله الشاعر الحكيم حين قـال:
دواؤك فيك وما تبصر.......وداؤك منك وما تشعر. وقال آخـــر:
نعيب زماننا والعيب فينا.....ما في زماننا عيب ســــــــــــــــوانا.
إن المشكلة مشكلة قلوب،نعم هنا يكمن الإشكال، هنا مربط الفرس،هنا المرض وهنا الخلل.
ورحم الله أديب العربية مصطفى لطفي المنفلوطي حين قال:"صلاح الحياة بصلاح الإنسان،وصلاح الإنسان بصلاح قلبه،ومن صفى صفي له ومن خلط خلط عليه.فاعرف سياسة النفس واتقن ولوجها قبل ولوج العوالم الأخرى." إن النفس البشرية ما تزال كما هي في تطلعاتها وأهوائها وميولها،وإذا تركت حينا من الزمن دون حراسة من تغذيتها بمشاعر الرغبة في رحمة الله وإكرامه، والرهبة من سخطه وعقابه،فإنها سرعان ما تستيقظ إلى أهوائها وانحرافاتها،وسرعان ما تتمرد وتبغي وتطغى فتقود صاحبها إلى مطارح الشقاء والهلاك.
نعم هذه طبيعة النفس،وهذا هو حال القلب،لذا يتوجب على كل عاقل كيس فطن،أن يسوس نفسه،وأن تكون له حراسة دائمة على قلبه،حتى لا تسيطر عليه الأهواء،فينقلب الإنسان على عقيه والعياذ بالله.....يتبع"وإلى لقاء آخر مع "عماري جمال الدين" و:"دواء قلبك في...." والسلام عليكم ورحمة الله .