أستاذ محمد البنا
فى كل ليله وعند منتصف الليل اجده جالساً فى شرفه منزله وهو يتطلع الى السماء بلونها الازرق الداكن ويضع يده على خده وقد اطرق بصره فى كل الانحاء باحثاً عن شيئ ما فى مكان ما .
وبعد مرور الوقت وانقشاع الظلام واقبال الصباح بنوره الفتان اجده قد قام من مكانه وهو محبط ويلملم اذيل الخيبه حزيناً على عدم رؤيته لما يبحث عنه ، ثم ما يلبث ان يذهب للنوم طيله النهار حتى يستطيع مواصله السهر فى الليل فى نفس المكان وفى نفس الوقت لينتظر هذا الضيف الغائب عنه .
هل تعلمون اخوانى واخواتى الكرام ان هذا الشخص قد يكون انا او انت او قريب او بعيد !
نعم فهذا الشخص هو شخص تمتلئ حياته بالمشكلات والصعوبات والتحديات ولكنه بدلاً من ان يواجهها ويقف امامها حتى يعبرها بسلام ، نجده قد جلس حزيناً واضعاً يده على خده وينظر من شرفه منزله فى انتظار الساحر ، الساحر الذى سيحل له كل مشكلاته فى غمضه عين وبحركه واحده من عصاه السحريه التى ما ان يحركها فى الهواء حتى يجد هذا الشخص نفسه محرراً من مشكلاته وقد اصبح سعيداً مشرق الوجه يحيا حياه جديده وجميله تملؤها النجاحات الدائمه والانجازات المتواصله .لكن للأسف فهذا الشخص المسكين سوف يظل هكذا لأيام وليالي وربما لسنين ايضاً لكن دون جدوى ولن يظهر له الساحر ابداً وسبب ذلك ليس قسوه قلب الساحر او انشغاله بمشكلات غيره ولكن السبب الحقيقى هو انه لا وجود لهذا الساحر الذى ينتظره الملايين من الناس وهم يجلسون فى عجز وسكون ينتظرون ضربه الحظ التى ستغير من حياتهم وتنقلهم من الجحيم الى النعيم ومن الشقاء الى السعاده الدائمه .
ان هؤلاء الناس انما يخدعون انفسهم ويخادعون غيرهم لأن الحظ انما هو نتيجه العمل والبذل والعطاء والنجاح انما هو ليس مصادفه بل نتيجه العلم والعمل والاجتهاد والصبر وان الذى يصنع حياه الانسان انما هو نفسه لا غيره وبالتوكل على الله لا بالتواكل والخمول والكسل .
اخوانى واخواتى فى الله انها نصيحه اقدمها لنفسي قبل ان اقدمها أليكم ، اذا كان منكم من ينتظر الساحر فأعلموا وبيقين انه لن ولم يأتى ابداً وحتى تتأكدوا من هذا عليكم ان تطلوا برؤسكم خارج شرفات منازلكم وستجدون ان هناك المئات بل الالف بل ربما الملايين ممن مازالوا فى انتظار الساحر منذ زمن بعيد دون جدوى او نتيجه وسوف يعيشون على وهم ويموتون للأسف على حسره .
وفى النهايه اخوانى الاحباء اريدكم ان تعلموا انما نحن من نصنع نجاحاتنا وانجازاتنا لا احد غيرنا وتذكروا قول الله سبحانه وتعالى ( ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا ) صدق الله العظيم ، فأعملوا بجد وخذوا بأسباب النجاح حتى تصلوا الي ما تريدون .
اما انا فسوف اذهب الان لأرى هذا الشخص الذي حدثتكم عنه واتمنى من الله ان اجده قد ذهب للعمل والسعي فى الحياه وقد عرف الحقيقه ولكنى اخشى ما اخشاه ان اجده مازال واقفاً كعادته القديمه وهو يحلم ويحلم و.... ما زال ينتظر الساحر !