خواطر مربي ..(4) – 12/05/2011
مهارات لابد منها لكل مربي ناجح
* مهارة إدارة الوقت.
* مقدمـــــــــــــــــــة:
كي يصبح الفرد متقنا لمهارة ما، لا بد أن يتقن كل أبعاد تلك المهارة، فعليه أن يكون مؤمنا بها مستوعبا لها، متفهما لمفرداتها وقواعدها، ممارسا لها. فكل إنسان يستطيع أن يكتسب أي مهارة، وأن تصبح جزء من شخصيته. فالناجحون لا يتميزون عن غيرهم إلا في شيء واحد، وهو أنهم استطاعوا أن يضعوا أحلامهم قيد التنفيذ. وإذا كانت الحكمة أن تعرف ما يجب فعله في الوقت المناسب، فإن المهارة أن تعرف كيف تفعل، والنجاح أن تفعل.
تطرقنا في الومضة السابقة إلى مهارتي: -البحث والاجتهاد في طلب العلم وتحصيله، وكذا مهارة التخطيط، وها نحن في هذه الومضة نتعرض لمهارة أخرى، لا تقل أهمية عن سابقيها ألا وهي: مهارة التحكم في الوقت، ومن وفق لاكتسابها، فقد هدي إلى صراط مستقيم.
* الوحي يشيد بقيمة الوقت:
قديما قالوا: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وقال آخرون: الوقت من ذهب، والحقيقة أن الوقت هو الحياة. لأنه من أندر الأشياء وأثمنها، وأنه سريع الانقضاء، وأن ما مضى منه لا يعود ولا يعوض، ولهذا كان له شأن عظيم. ولأمر ما أقسم به المولى عز وجل في أكثر من آية.قال تعالى: "وسخّر لكم الليل والنّهار"(33-ابراهيم) وقال:"وهو الذي جعل الليل والنّهار خِلْفَة لمن أراد أن يذكّر أو أراد شُكورا."(62-الفرقان) وقال: "والليل إذا يغشى، والنّهار إذا تجلى."(1، 2-الليل) وقال:"والفجر، وليال عشر، والشّفع والوتر."(1، 3-الفجر) وقال: "والعصر، إنّ الإنسان لفي خسر."(1، 2-العصر). وعن معاذ ابن جبل – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم:" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به ". وعن ابن عباس –رضي الله عنها- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ". وعن بن عباس رضي الله عنهما أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه : " اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك." (أخرجـه الحــــاكم في المستدرك).
*أقوال صنعت عظاما فتأملها..
وحتى لا تضيع أعمارنا سدى، ونترك الأيام تفلت من أيدينا دون أن ننجز شيئا ما، علينا بقراءة وتأمل الأقوال التالية: قال الصحابي الجليل ابن مسعود - رضي الله عنه - :" ما ندمت على شيء، ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي." وقال ابن عقيل: " إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين، أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة." وقال ابن القيم رحمه الله: " وقت الانسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، فمن كان وقته بالله ولله، فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبا من حياته، فإذا قطع وقته بالغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته." وقال ابن القيم أيضا:" إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت يقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها" أما ابن الجوزي فقال في الوقت:" ينبغي للانسان إن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور، بما لا يعجز عنه البدن من العمل."
*ومن أقوال علماء عصرنا:
ما أورده الشيخ محمد الغزالي في كتابه:" جدد حياتك"حين قال: " أتدري كيف يسرق عمر المرء منه؟ يذهل عن يومه في ارتقاب غده، ولا يزال كذلك حتى ينقضي أجله، ويده صفر من أي خير" وقال في الكتاب نفسه متحدثا على لسان ستيفن ليكوك" " إننا نتعلم بعد فوات الأوان، أن قيمة الحياة في أن نحياها، نحيا كل يوم منها وكل ساعة"أما الدكور يوسف القرضاوي فقال بدوره: " إضاعة الوقت جريمة وانتحار بطيء، ترتكب على مرأى ومسمع من الناس ولا يعاقب عليها أحد، فمن قتل وقته فقد قتل في الحقيقة نفسه." قال الشاعر: " دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحيـــــاة دقائـــق وثـواني" وقال شاعر آخر: "إذا هبت رياحك فاغتنمها *** فعقبى كل خافقة سكون" " وفي الخيرات فاغتنها *** فما تدري السكون متى يكون؟" وإن درت نياقك فاحتلبها *** فما تدري الأصيل لمن يكون."
* الوقت يتحدث، فاستمع له وأنصت.
- أنا الحياة.
- أنا غير قابل لتعويض.
- يتم استهلاكي لحظة إنتاجي.
- أنا كالسيف، إن لم تقطعني قطعتك.
- لا يمكن تخزيني للاستفادة مني مستقبلا.
- الناس كلهم متساوون في.
- لا يمكن شرائي.
- لا يمكن زيادتي.
- أنا الذي سوف تسأل عنه يوم القيامة.
* لماذا لا نحترم الوقت في حياتنا؟
- لأن الوقت معنوي غير محسوس.
- لعدم وجود رسالة لنا في الحياة.
- لأنه ليس لدينا هدف في الحياة واضح.
- لأننا ربينا على ذلك.
- لعدم الاهتمام بالبدايات والنهايات.
* فهل من معتبر؟
إن رأسمال الانسان المسلم في هذه الحياة الفانية بعد إيمانه وطاعته لربه، وقت قصير وأنفاس محدودة وأيام معدودة. فمن استثمر هذه اللحظات والساعات في الخير، فطوبا له وقد هدي إلى صراط مستقيم، ومن أضاعها وفرط فيها فقد خسر خسرانا مبينا، ولا يلومن إلا نفسه. ولو فقه المرء قيمة اللحظة التاريخية التي يعيشها ويحياها وقدرها حق قدرها، ما ترك ثانية واحدة من عمره تمر دون أن يستفيد منها، وأن يستثمرها في الاتجاه الإيجابي. فحري بكل عاقل أن يحرص على استغلال وقته، ساعة ساعة، دقيقة دقيقة، ثانية ثانية. ومن لا يعرف للوقت قيمة ، لا يحسن إدارته ولا التحكم فيه، فينفلت منه انفلاتا، ويضيع من بين يديه، ويندم ولات حين مندم.
- يتبع – عماري جمال الدين/ مشرف تربوي/ الجزائر.