خواطر مربي ..(3) 30/04/2011
مهارات سبع لابد منها لكل من يريد النجاح في عمله التربوي.
عماري جمال الدين /سدراته/ سوق اهراس/ الجزائر
1) مهارة البحث والاجتهاد في طلب العلم وتحصيله.
إن المربي أوالمعلم الذي يكتفي بقراءة الجريدة اليومية ولا يزيد، ولا يقرأ كتابا واحدا لا أقول في الشهر بل في السنة، ويظن أنه من النخبة المثقفة، وأنه من ذوي التجربة والخبرة الطويلة، وبإمكانه أن ينتج ويبدع واهم. إن المتأمل في المشهد الثقافي يلحظ ولا شك زهد الكثير في تعاطيهم مع ورد القراءة والمطالعة، رغم أننا نعيش عصر انفجار معرفي معلوماتي رهيب، حيث الجديد في كل يوم بل في كل ساعة ودقيقة. ومن لا يواكب ويطلع على المستجدات، في مجال اختصاصه على الأقل، لا شك يفوته خير كثير. إن القراءة مفتاح العلوم، وأداة اقتناص المعرفة، ولعلو شأنها ذكرها وحث عليها الكتاب العزيز القرآن الكريم في أكثر من موضع. قال تعالى: " إقرأ باسم ربك الذي خلق .." (آ 1 العلق) وقال: " نون والقلم وما يسطرون .." (آ 1 القلم) وقد رغب فيها رسول خير الأنام في أكثر من حديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: " من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" (رواه الترمذي). وكم أعجبتني مقولة للأستاذ الجامعي عبد الله حمادي، رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين سابقا، حينما سأله الصحفي في آخر الحصة، وماذا تقرأ الآن؟ فقال: " قد لا تصدق لو قلت لك أنني أكون أتعس الناس، إذا كنت بعيدا عن القراءة، بل الأكثر من ذلك أنني وأنا بعيد عن القراءة، أشعر أنني أدخل عالم اللاشيء. فالقراءة بالنسبة لي، هي المنفى والملكوت، وهي المسكن والمهرب في آن واحد." ومن أجمل ما سمعت من الشعر في هذا الصدد قول الشاعر الحكيم:
والله حياة الفتى بالعلم والتقى *** وبدونهما لا اعتبار لذات
من فاته العلم في شبابـــــــــه *** فكبر عليه أربعا لوفاتـــه
واصبر على مر التعلم من معلم *** فإن رسوب العلم في نفراته
والذي لم يذق ذل التعلم ولو ساعة *** تجرع الجهل طول حياته
2) مهارة التخطيط:
كم من جهود تهدر وأوقات تضيع، حينما يقبل المربي على عمله دون تحضير وإعداد مسبق. ويستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى (يهجر التخطيط، ويتبنى الارتجالية). فيتكل على معارفه وخبراته السابقة، ويرتجل فلا يحقق من الأهداف المسطرة إلا النزر اليسير، ناهيك عن احتمال الانحراف عن السكة، والخروج عن الموضوع. إذا لم ينكشف ضعفه هذا أمام من يعلم مهما كانت سنهم.
إن من نقاط الضعف عندنا أننا لا نخطط في حياتنا بصفة عامة، وإذا خططنا لا ننفذ، وإذا نفذنا لا نقيم، وإذا قيمنا لا نستمر. تأخذنا نفحات، أو قل تحركنا مناسبات، وما إن تنتهي، حتى نعود إلى ما كنا عليه، (عادت ريمة لعادتها القديمة ) فأنى لمن هذا حاله أن يتطور أو يتحسن؟ وتحضرني مقالة للدكتور يوسف القرضاوي، متحدثا بألم وحسرة، عن صورة لعرب مسلمين عزلوا أنفسهم، بعدما أفقدهم الكيان الصهيوني مرجعيتهم الحضارية قائلا: " نحن نتكلم فقط وهم يعملون، نحن في فوضى وهم منظمون، نحن نختلف وهم متفقون، نحن في غيبوبة وهم واعون" (مداخلة للشيخ القرضاوي بمؤتمر القدس المنعقد بالجزائر بتاريخ 27/03/2006)
لقد علمتنا الحياة أن كل عمل ناجح لا بد أن تسبقه خطة، وهذا في كل مجالات الحياة، في الإقتصاد والتجارة والصناعة والزراعة، كما في الإدارة والبحث العلمي، في الشؤون المدنية والعسكرية، وكذلك في التنمية البشرية والتربية والتعليم. وما تفوق الغرب في حضارته إلا بسبب تقديسه للمعرفة، واعتماده المنهج العلمي، والتنظيم والتخطيط في كل المجالات. يقول صلاح صالح الراشد في كتابه (كيف تخطط لحياتك؟): " إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل" .
وأقولها بصراحة أن الذي يعمل بدون منهج وبدون خطة بدون نظرية، بدون مباديء ومنطلقات فكرية واضحة، فهو إلى الدروشة منه أقرب إلى روح العلم والتربية. وبالتالي تكثر أخطاؤه وتقل إصاباته. إن في التعليم الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي، بل وحتى الجامعي. إن الأستاذ لما يقدم على درسه دون تحضير وتخطيط مسبق، فأمره كما قال الشاعر: كالساعي في الهيجا بدون سلاح. فعصاك أخي المربي التي تتكيء عليها، ولك فيها مآرب أخرى - لا يليق بك وأنت المحترم المبجل، أن تتركها أو تتخلى عنها - لا تتمثل في معارفك وعلمك وخبرتك فقط، بل لا بد أن تضيف لها جهدك التخطيطي . أستاذي الفاضل أولم تتدبر قوله تعالى؟ " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة .."(آ 16 الأنفال) إن أول أنواع القوة قوة العقيدة، قوة القيم والأخلاق، ثم قوة العلم والمعرفة، قوة التنظيم والتخطيط، قوة العمل وإتقانه، وما إلى ذلك من أنواع القوة. إن المربي الذي يحترم نفسه واختصاصه ورسالته، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتعسف ويهدر جهده، فيرتجل عمله. إن كل حصة وكل درس، كل لقاء تربوي تعليمي تدريبي تكويني، لا بد فيه من احترام كامل للمراحل التالية: " التخطيط – التنفيذ – التقويم "، وإلا كان الأمر أبترا. أترضى أن يوصف أداؤك بالجهد المقل، وتصنف في زمرة الذين لا يتقنون أعمالهم؟ فأنت قدوتنا وأستاذنا ومعلم فلذات أكبادنا. ولك منا كل التقدير والاحترام، وقيما قال أحد المربين: " إن من يربي الأطفال بجودة ومهارة، لهو أحق بالتقديس والإجلال من الذين ينجبونهم."
وإلى لقاء آخر إن شاء الله مع مهارتي إدارة الوقت، والاتصال والتواصل.