" إن للباطل جولة .. "
عماري جمال الدين
تحية إجلال وإكبار
لفتيان مصر رجالها ونسائها كهولها وشيوخها، دعاتها وعلمائها، مفكريها ومثقفيها، مسلميها ومسيحييها، وكل أبنائها الرابضين المرابطين في ساحات التحرير، الذين ثاروا على الظلم والاستبداد، ورفضوا مسلسل القهر والإذلال والتهميش، والنيل من كرامة الإنسان، الذي مورس عليهم ردحا من الزمن. أو قل عقودا من الزمن. حتى سئموا وملوا وكرهوا الظلم والظالمين، فانتفضوا جميعا، وهبوا كرجل واحدا بنيانا مرصوصا وصفا واحدا يشد بعضه بعضا، ولحمة واحدة متماسكة، كصخرة صماء يصعب النيل منها، كما يصعب اختراقها. أحدث بهديره زلزالا قويا، وإرباكا، اهتزت له عروش، وسقطت أقنعة، وتقزم كل متسلط جبار. إنها إرادة الشعوب، وإرادة الشعوب من إرادة الله، وإرادة الله لا تقهر." اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب." رواه البخاري.
لا للاستبداد
لا يختلف اثنان في ربوع وطننا الكبير على مد البصر، أن ما يجري الآن على ساحة التحرير، وفي كل محافظات مصر الكنانة، على مرأى ومسمع الكل عبر القنوات الفضائية، إنما هي لحظة انعتاق لشعب عربي أبي، طالما عانى وكابد وصبر، إنها لحظة تاريخية توحي بانبثاق فجر جديد، ومرحلة مفصلية في تاريخ مصر الحديث، بل في تاريخ الأمة العربية الإسلامية ككل. فليكتب الكتاب وليؤرخ المؤرخون أن ماحدث إنجاز عظيم، وعبقرية وإبداع. وجهد محترم ينضاف إلى نضالات الأحرار، ورصيد العاملين على طريق الحرية والعدالة والديمقراطية، والنهضة والتمكين الحضاري. يأبى الله إلا أن يكرم بها شعب وشباب وأحرار مصر. فمزيدا من الصبر إحبابنا، مزيدا من التضحات مزيدا من الصمود، حتى يتحقق المرغوب والمطلوب، وتعودون إن شاء الله إلى دياركم سالمين غانمين. وما دامت ثورتكم من أجل إحقاق حق، وإزهاق باطل فإنكم منصورون بإذن الله. " ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز." (الآية 40 الحج)
لا للفساد
فهنيئا لكم أيها الأبطال، دام عزكم وشرفكم، ثبتكم الله على طريق هذه الثورة المجيدة المحررة للبلاد والعباد من دنس الاستبداد، وتعسفات المتسلطين على رقاب العباد. من رهنوا البلاد، وباعوها بأبخس الأثمان لمستعمر متغطرس جبان. فأنتم ولا فخر شعب عظيم عريق أصيل، قد أدرك بذكائه ونقاء فطرته، أن ساعة الحسم قد حانت، وفرصة التغيير قد بدت ملامحها في الآفاق، فلا تلكؤ ولا تردد ولا انتظار. وحذار ممن ينتهز الفرصة فيركب الموجة لقطف الثمار.
لا للتبعية
لقد قالها الشعب المصري بملء فيه لا للاستبداد لا للفساد، لا للتبعية للغرب، إن المتأمل في الشعارات المرفوعة، والعبارات التي يرددها البنين والبنات يلحظ على عجل قوة تشبث الانسان المصري بهويته وثقافته الأصيلة، وانتمائه الحضاري العميق. وضوح في الشعارات، توافق قي المطالب، وحدة في الصف، ثبات على الطريق، نصرة للحق. انتفاضة شعبية سلمية حضارية. فاثبتوا فإن الأمة وأحرار العالم كلهم معكم، يساندونكم ويباركون انتفاضتكم، ويؤيدون ثورتكم، ويدعون لكم. فلا تهنوا ولا تفشلوا وابشروا بنصر قريب.
إن للباطل جولة ستزول بعد حين *** وإن للحق صولة بالشباب المسلمين .