أبو العبد أطلق عليه "عيد الانتصار"
العيد الأول بعد معركة الفرقان: صلاة وبهجة وزيارة أرحام رغم الحصار والعدوان (تقرير)
مزيج من البهجة والألم غلف عيد الفطر المبارك في قطاع غزة، الذي بدأ اليوم الأحد (20-9) أول أيامه، والذي يأتي هذا العام في ظل استمرار الحصار الغاشم المفروض منذ عدة سنوات، وفي ظل حقيقة أنه العيد الأول بعد الحرب الغاشمة التي شنها الاحتلال أواخر العام الماضي واستمرت 23 يومًا، وجوبهت بمقاومة باسلة وصمود أسطوري، استحق معه أن يُطلق على هذا العيد "عيد الانتصار".
صلوات في العراء
وزارة الأوقاف الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" حرصت على إقامة الصلوات في مختلف أرجاء قطاع غزة في العراء والساحات العامة إحياءً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكان لافتًا حضور قادة "حماس" ونوابها ووزرائها، وعلى رأسهم رئيس الحكومة إسماعيل هنية، كخطباء، فيما بدا بوضوح حضور عشرات الآلاف لهذه الساحات التي دوى فيها هتاف التكبير.
عيدنا يوم عودتنا
وفي ملعب اليرموك، كان أبرز الحضور رئيس الوزراء إسماعيل هنية، الذي أمَّ المصلين، وخطب خطبة العيد معلنًا مواقف سياسية بارزة، مطلِقاً على هذا العيد بأنه "عيد الانتصار" وعيد الثبات، كونه أول عيد جاء بعد حرب الفرقان التي صمد فيها الكف في مواجهة المخرز الصهيوني.
وشدد هنية على أن الفلسطينيين يفرحون ويبتهجون بالعيد، رغم حالة الإدراك العام أن "عيدنا يوم عودتنا، ويوم نصلي في مسجدنا الأقصى، ويوم نستقبل الملايين المشردين عائدون إلى أرض فلسطين، ويوم يتحرر أسرانا، ويوم نتوحد على خندق الحقوق والثوابت والممانعة والصمود".
هدية أبو العبد تدخل البهجة في نفوس الأطفال
بهجة خاصة عاشها الأطفال الذين أمُّوا المصليات، حيث كان شباب "حماس" بزيهم المميز، حاضرون ليوزعوا عليهم هدية أبو العبد رئيس الوزراء، وهي عبارة عن مظروف به بعض الحلويات، فيما وزع آخرون التمر على المصلين جميعهم.
وقال الطفل محمد هشام، ابن الأعوام الستة، إنه سعيد بهدية رئيس الوزراء، مشيرًا إلى أنه يحتفظ من العام الماضي بالبطاقة التي يحتويها مظروف الحلويات باعتبارها بطاقة خاصة من أبو العبد، وسرعان ما قلد الطفل مقولة هنية الشهيرة "لن نعترف بـ"إسرائيل"، لن تسقط القلاع، ولن تُخترق الحصون، ولن تُنتزع منا المواقف".
حضور للتضحيات
وحضرت في جميع خطب المساجد والمصليات تضحيات الشعب الفلسطيني، واستحضروا معاناة ذوي الشهداء والأسرى والمشردين من جراء التدمير الممنهج الذي مورس خلال العدوان الأخير.
ولم يكن هذا الحضور مجرد شعارات في الخطب، بل لوحظ توافد بارز من المواطنين، وعلى رأسهم قادة "حماس"، إلى منازل ذوي الشهداء والأسرى والمشردين.
وقال مصدر قيادي في حركة "حماس" أنه على اختلاف المناطق الرئيسية والفرعية في محافظات قطاع غزة، شُكِّلت فرقٌ من قيادات "حماس" ولجان العلاقات العامة فيها لزيارة ذوي الشهداء والأسرى للتواصل مع معاناتهم وتكريمهم، والتأكيد لهم أن الحركة على درب الشهداء سائرة، وأنها لن تكل ولن تمل وهي تطرق كل الأبواب وكل الخيارات من أجل الإفراج عن المعتقلين.
خيام المشردين تستحضر مجريات حرب الفرقان
وفي شمال قطاع غزة، استقبل المشردون من منازلهم المدمرة ضيوفَ العيد في خيام الصمود التي أقيمت لتؤوي المشردين، في ظل عدم توفر مواد البناء للبدء بإعمار غزة، حيث ذكَّرت هذه الخيام بآثار الحرب الغاشمة التي ارتقى خلالها نحو 1450 شهيدًا، وأصيب أكثر من 6500 جريح، إلى جانب تدمير 20 ألف وحدة سكنية.
بهجة رغم الحصار
وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفها الحصار، حرص المواطنون على الابتهاج بالعيد، باعتباره يوم فرحة.
وقال المواطن أحمد عبد الرحيم: "صحيح أن الأوضاع صعبة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نُدخل الفرحة على الأطفال في هذا اليوم، ولذلك نلتزم بهذه السنة".
ويشعر الكثير من الأهالي وذوي الأيتام بالتقدير العميق للحكومة الفلسطينية ولحركة "حماس" اللتين حرصتا على إدخال البهجة إلى نفوسهم هذا العام من خلال توفير عيدية ساعدتهم على شراء ملابس العيد لأطفالهم، وتوفير الحد الأدنى من احتياجاتهم.
يذكر أن "المركز الفلسطيني للإحصاء" أظهر أن 80% من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعانون من الفقر، فيما ترتفع معدلات البطالة في بعض المناطق إلى أكثر من 60%.
وتقدِّم الحكومة الفلسطينية وحركة "حماس" والجمعيات الخيرية التي ترعاها، مساعدات مادية وعينية لعشرات آلاف الأسر، وتنشط في تقديم هذه المساعدات بشكلٍ خاصٍّ في أيام المناسبات لرسم البسمة على شفاه المحرومين.
وشهد العيد حركة لافتة لزيارة المواطنين لأرحامهم بما يعكس النسيج الاجتماعي المتماسك الذي شهد هذا العام تعزيزًا لظاهرة التكافل والتعاون بين الأسر الميسورة والأخرى المعسرة، ولسان حال الجميع نحن جميعًا متحدون ومتآخون، نتقاسم الألم والفرح وننتظر بلوج فجر الانتصار.