مهـارة الصّبـر وقـوّة التحمّـل
حمل النّفس على ما تكره. قال الشيخ الغزالي:"وما تفتقت مواهب العظماء إلاّ وسط ركام من المشقات والجهود. والإيمان الحقّ يجعل الرّجل صلب العود، لا يميل مع كلّ ريح ولا ينحني مع كلّ خلة.وإذا أحصينا الرّجال الذين لا يأخذهم الدّهش أمام المفاجآت، عرفنا أنّ لهم من أنفسهم ما يهون عليهم أيّ مفقود وما يسلّيهم عن كلّ فائت، وبهذا الشّعور يمكنهم أن يقتحموا كـلّ حصار تضربه عليهم الليالي الكوالح." (1)
وقال الشيخ الغزالي أيضا:" فالمؤمن لا تزيده الابتلاءات إلاّ صلابة وثباتا، فنحن في حاجة إلى الكثير من الصبـر والالتزام بتوجيهات الوحـي. رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّـم: "إذا جمع الله الخلائق نادى منادٍ: أين أهل الفضل؟ قـال فيقوم النّاس -وهم يسير- فينطلقون سراعا إلى الجنّة, فتتلقّاهم الملائكـة، فيقولون: وما فضلكم؟ فيقولـون: كنّا إذا ظلمنا صبرنا، وإذا أُسيء إلينا حملنا، فيُقال لهم: أدخلوا الجنّة فنعم أجر العاملين."(2)،
وقال الشيخ الغزالي أيضا: "وإنّني بعـد ما بلوتُ النـاس أَجِدُني مضطرّا لأن أقـول: مَحّصْ عملك لله، وانشدْ ثوابه وحده، ولا تنتظرْ أن يشكرك أحدٌ مـن النّـاس، بل توقّعْ أن يضيق النّاس بك، وأن يحقـدوا عليك، وأن يبتغوا لك الرّيبة وينسوا الفضل، وأن يكونوا كمـا
(1) ص 156 جدد حياتك- محمد الغزالي
(2) ص124 جدد حياتك- محمد الغزالي
قـال الشاعـر:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا عني وما سمعوا من صالح
دفنوا جهلا علينا، وجبنا عن عدوهم لبئس الخلتان: الجهل، والجبن
وإنّه ليخيّل إليّ أنّ العداوة أزلية بين الأمجاد والأوغاد. بين أصحاب المواهب والمحرومين منها، بين فاعلي الخير والعاطلين عنـه. ومن ثمّ يجب علينا أن نتوجّه بحركـات قلوبنا وأيدينا لله ربّ العالمين، لا ننتظر ثناء ولا إعجابا، ولا بروزا ولا شكورا."(1). قال الشاعــر:
لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر.
مهـارة الأثـر وتـرك البصمـات
أن تترك آثارا طيبة من بعدك. وقد ثبت في الحديث الشريف: "إذا مات ابن آدم انقطع عملـه إلاّ من ثلاث، صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له." فقيمة الإنسان فيما يحسنه ويتقنه، في أعماله وإنجازاته. ومن لا إضافة له ولا عطاء فما قيمة وجوده؟ قال الشاعـر الحكيــم:
قيمة المرء ما قد يحسنــه فاطلب لنفسك ما تعلو بـه وصـل
وكما قالت الأعرابية قديمـا: "البعرة تدلّ على البعيـر، والأثر يدلّ على المسيـر. وأنت ما الدّال عليك؟ هل قمتَ بعمل ما إضافة تخلّد بها ذكرك وتنفع أمّتك والبشرية، وعلى الأقـلّ الناس الذين مـن حولك.لا تكنْ كمن يعيش على هامش الحيـاة، سلبي لا يقـدّم شيئا منفذ فقط، لا يتقـن إلا الاستهلاك ومضغ الكـلام، ليس لـه فضل على أحد. قيمة الإنسان بإنتاجه، بعطائه.أمّا التفـرّج والتغنّي بأمجاد الماضي دون إضافة شيء فضعف وقصـور.
(1) ص 131 جدد حياتك- محمد الغزالي
الإنسان النّاجح غيـر عادي فعّال يبادر، يجتهد، يقترح، فثابرْ وتميّزْ واسْعَ لتحقيق إنجازات في حياتك تخلّدْ بهـا ذكرك، فكم مـن إنسـان عاش حياة روتين ومات فنُسِي، لكن هناك أناس ماتـوا منذ آلاف السنين وحينما تركـوا بصمات خالدة فلن تنساهم الأجيال على مرّ التاريخ.
ولكي تحقّق إنجازات لابدّ أن تعمل وأن تحلم وأن تنمّي مهاراتـك وتطوّر في قدراتـك، ثم حدّد المجال الذي يمكن أن تنتج فيه، التخصّص الذي تحبّه، فالإنسان لا يبدع إلا إذا عمل فيما يحبّ، أمّا الذي يريد أن يبرز في كلّ شيء لا يستطيـع. حدّدْ ما تريد فعلـه، فالشيء المحدّد الواضح يمكن تحقيقـه أمّا العموم فلا يفيـد. هناك من يعيش عمرا قصيرا ويحقّق أعمالا عظيمـة، وهناك من يقارب القرن ولا يحقّق شيئا، فشتّان بين الثّرى والثريّا! قـال أحدهـم: "أيّ عمر يمرّ من عمري بدون إنجازات لا أعتبره من عمري." بعد تحديد هدفي تصبح قراءاتي وعلاقاتي وملء فراغاتـي فـي إطار توجّهي فأنشغـل بالنافع المفيد. فكرة فعزيمة فانطلاقة جادّة. كيف أدير حياتي؟ كيف أرتّبها؟ بعد التفكير توضع الخطّة ثم يُبدأ في تنفيذهـا. فلا تكنْ مثل الذين يقضون جلّ أوقاتهم في الفراغ في اللاشيء فهم يعيشون حياة فوضى مفرغة من أيّ محتـوى. إنّي أبغض إمرءً يكون مشغولا بشيء لا ينفعه في دينه ولا في دنياه، جُهْد ضائع يقود إلى الفشل في الحياة، أو مثل من يعيش على الأحلام والأوهـام والأمانـي الفارغة ولا ينتج شيئا. لا بدّ أن تنجز قبل أن ينتهي العمر، كلّ شيء يدعـونا إلى أن نستعجل فـي الإنجاز. المثال العربي يقول: "من زرع حصد." وهل هو مثال صحيح؟ فقد يزرع الإنسان ولا يحصد، فليس كلّ من يزرع يحصد بالضرورة. يحصد من زرع ورعى، وحماه وتابعه وصبر وتجهّز بالأدوات والآلات، ولم تأتِ أقدار تخرّب زرعه، هذا هو الذي يحصد. فالتراكمات ليس من السّهولة القضاء عليها.
النتائج لا تأتي فجأة بل لابـدّ من التوكّل على الله أولاّ وطلب المعونة منه، ثم تخطيط وبذل جهد وعمل وانتظـار(كمّ هائل من التراكمات) بعـدها يمكن أن نجني الثّمـار.إذن من زرع ورعى وتعهّد وتعب وصبر حصد، وليس من زرع حصد. ينبغي أن تكون عضـوا إيجابيـا في المجتمع، لك رأي وفكر ومساهمة وفضل وشخصية، ثبتَ في الحديث الشريف: "المسلم كالغيث أينما وقع نفـع." فحاربْ السلبية فـي حياتك، ولا تدع الكسل والخمول والفوضى تتسرّب إليك، فإنّها تسرق منك عمرك دون أن تشعر، فالحذر الحذر.
مهــارة الاتّصــال والتواصــل
هناك ثلاث عناصر رئيسية في عملية الاتصال:
1) مرسل (كلمة)
2) مستقبل (يسمع كلمة)
3) رسالة (محتوى محدّد) أفهمه أياها
النظريـة الكلاسيكيـة في التواصل(-مرسل-ومرسل إليه، مستقبل، وموضوع الرسالة.)
النظريات الحديثـة:الإنسان نفسه مرسل ومستقبل (feed-bek) لأنّ الرّسالة السلبية تؤثر سلبا على المرسل قبل المستقبل، والرسالة الإيجابية تـؤثر بالإيجاب على المرسل قبل المستقبل أيضا. فانظر حالك مثلا لمّا تغضب ويصدر منك كلام مؤذي، فمن أوّل من يتأذّى به ياترى؟ وحالك عند الابتهال والدعـاء لما تَصْدر منك كلمات طيبـة، فشتّان بين الإرسالين وبالتالي إذا حسّنتَ الآداء كمرسل يتحسّن عند المستقبل. والمتواصل عادة له هدفـان لا ثالث لهما هما:
1) طلب المساعدة.
2) تعبير عن مشاعر
ويمكن أن يُجمعا لكن ليس هناك هدف ثالث. وهذا يسهّل علينا فهم الآخريـن جيدا. فـإذا حدث اتصال ما من أي كان فعليّ أن أتأمّل فيه جيدا وأبحث في السبب والدافـع، ولا أنشغل بالموقف والفعل والنتيجة. لأنّ المهم أن أعرف قصده من هذا التواصل. والإنسـان لم يتوقفْ عن الاتصال منذ أن كان جنينا. وقدْ أثبتتْ الدراسات أن الطفل يبدأ يسمع منذ الأسبوع الثاني وهو في رحـم أمه.وإذا كانت 70% من حياتنا كلها اتصال وعلاقات مع الآخر، فإن تحسين الاتصالات الإنسانية مهم جدا في حياتنـا اليومية الفردية والاجتماعية لإيجاد نوع من التوافق والقبول والرضـا، من أجل ألفة عاليـة مع من أعيش، أتحبّب إليه أصل إلى قلبه. كيف أحفز الآخر؟ أستقطب اهتمامـه، أستحوذ على كل الشّرائح، كيف أعرف نظـام كل شخص؟ كيف أرفع مستوى آدائـي؟ كيف أبلّغُ رسالتي بسهولـة؟ وقد قيـل إذا حدّثتَ الناسَ عن نفسك استمعـوا إليك، وإذا حدّثتهم عن أنفسهم أحبّوك. فلنتعلّمْ ولنتدرّبْ على ما يسمّى ببناء الألفـة لتحقيق أرقـى اتصال وأقوى اتصال وأجمل اتصال. ولذلك قالوا: راقبْ كلماتك، راقبْ حركاتك، راقبْ ملابسك فإنها تحمل رسائل. إذن ما هي أفضل طريقة للاتصال بالآخرين؟ أن أعرف أصناف البشر وبالتالي مفتاح كل شخصيـة، وإنه من الخطإ أن استعمل مفتاحا واحدا مع كل الأنواع، فهناك البصري والسمعي والحسّي، ولكل وتَره الخاص، كل ذلك من أجـل الوصـول إلى ألفة عالية بملامسة نقاط الاتّفـاق والفضاءات المشتركة وما أكثرها بين الناس وتبقى الكلمة الطيبة المفتاح السحري الذي بإمكانه فتح كل القلوب.
مع العلـم أن الكلام المنطوق أو اللغة الشفهية أو ما يسمى بالاتصال اللفظي لا يمثل إلا 7% فقط، 93% من عملية الاتصال غير ملفوظـة. وتتوزع كالتالي أكثر من 55% لغة جسـد كالتعبيرات المختلفة مثل حركة العين وباقي السلوكات الأخـرى، 33 % وتمثل نبرة الصوت.
فانظرْ أهمية لغة الجسـد أومـا يسمى بالاتصال غيـر اللفظي وكم نحن عنه غافلـون!
ولكل إنسان مستويان من الاتصـال، واعي وغير واعي. وكي أنجح في حياتي لا بدّ من اتصال قوي داخلي وخارجـي، فتوفّر عنصر الرضى والقبـول عند الآخريـن باعتبار الإنسـان كائن اجتماعـي، أتعاون معهم اتصل بهم، رسالة غادية وأخرى عائدة والاثنان مقبـولان. الاتصـال الإنساني يبدأ بالكـلام، مارك توين قـال: الكلام أنواع كلام مثل البرد، انفجار، رعد، صوت قـوي، صدمة، وكلام آخر مثل الشمعة (يضيء ببساطة) فالاتصال المبتور يرجع لنوع الكلمة أنظـر سلوك البائعين، الكلام مقنع بأسلوب مميز...إلخ.) فالصوت البشري مؤثر على نفسية الإنسان وعقله وبدنه وصحته، لذا ينبغي أن نختار الكلمات بعناية لمالها من قوة وتأثير. عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال-: "إن من البيان لسحـرا." وكان الصحابـة –رضي الله عنهم يقولون: "كنّا في مجالسنا نتخيّر الكلمات كما يختار أحدنا أطايب التمر."
مهــارة الفهـم والتفاهــم
صاحب فنّ العلاقـات يفهم من حوله، يحفز الناس، يحرّكهـم من الداخل، يفوض لهم، يعطيهـم صلاحيات، يشعرهم بأنهم مسؤولون عن تصرفاتهم وواجباتهم ينطلقون من قناعاتهم دونما إكراه. إنك تستطيع أن تشتري الذمم ظهـورالناس أيدي الناس، لكن قلوب الناس وولاءاتهـم لا يمكن شراؤها، القلـوب تُكسب. أن يعرف الإنسان متى يشدّ ومتى يرخي، التحفيز من الخارج لا يفيد التحفيز من داخل النفس من الرضى والقبـول من المحبة الصادقـة، فالإنسان عقل وقلب ونفس تتأثر. العلاقـات تُبنى على الصدق والرحمة دونما تمثيل، بعض الناس تحركهم القيم وهو أعظم تحريك، حركة الصحابة كان منطلقها عقيدة قيم ومبادئ ومُثل عليـا. أما التحريك بالتهديد بالعنف بالقوة لا يُحدث علاقات.العلاقات تُبنى على الحب، هذا الأخير إن كان نابعا من القلب كان صادقا. والحب ينتج عنه سلوك، تصرفات علاقات كذلك التصرفـات ينتج عنها الحب، هناك ألف طريقة وطريقة لنسج علاقات حميمية مع الآخر أساسهـا حسن الخلق، أمّـا التمثيل فعمره قصيـر.هناك من تحرّكه الكلمة الطيبة الحلوة، الابتسامة،الدعاء، تقديم خدمـة، أو مساعدة في إيجاد حلّ لمشكلة ما، إحسان مادي أومعنوي قال الشاعــر:
أحسن إلى الناس تستعبـد قلوبهـم فلطالما استعبد الناس إحسان
كلّ إنسان له مفتاح ووتر خاص ينبغي أن نضرب عليه، من أجل التفاعل والتواصل معه إيجابيا. أحرصْ على أن تفهم الآخرين فهما صحيحا لا فهما سطحيا.
لن يفهم الإنسان إلا إذا حاول أن يفهم، بناء العلاقات يحتاج إلى فهم الآخرين أي الإبحار فيما هـو أمامنا، سبر أغوارهم، فهم دواخلهم، النفاذ إلى ما وراء الكلمات، قراءة ما وراء السطور، محاولة معرفة نيته من أجل الوصول إلى الحق والعدل لا من أجل الانتصار والغلبة. ولتكنْ مناقشة بدون تكفير وتجريح بدون إيـذاء إقامة الحجة بطريقة لينـة، وهنا يحضرني ما قاله الخليفة العباسـي أبو جعفر المنصور لأحد المتحاورين معه: "قد ذهب من هو خير منك إلى من هو خير مني، وقال لـه: "قولا له قولا ليّنا."(44 -طه) وقـال تعالى: "وجادلهم بالتي هي أحسن."(125-النحل) وقـال: "ادفع بالتي هي أحسـن."(96-المؤمنون) أحاول أن أسمع حجة الآخريـن وأن أكون محايدا قدر الإمكـان لمعرفة الخطأ من الصواب والحق من الباطل، واعتقادي عن نفسي دائمـا: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". فلنحرصْ على فهم الناس بنية صادقة حتى لا تهتـز العلاقة لا ينبغي أن نتوقف عند كل كلمة، التركيز على النيات وقد قيل:"من لم يحمدك على صدق النية لن يفهمك على حسن الأفعـال". وهكذا فهم موقفي وموقف الآخريـن لا يتم إلا بمعرفـة فن لعلاقات.لذلك ينبغي أن ننمي ملكة القدرة على الفهم والاستيعاب في أنفسنا.
مهـارة الاستمـاع والإنصـات
حتى أفهم لا بدّ أن أستمع إلى النصيحـة إلى الشكـوى، إلى صاحب الرأي المخالف، إنّه فـنّ الاستماع فهو علم قائم بذاته ينبغي أن نتعلّم كيف نسمع؟ قال عتبة ابن الوليد لرسول الله صلى الله عليه وسلّـم: "يامحمد جئتنا وكنا أمة واحـدة.....إلخ.) فما قاطعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستمع إليه في أدب كامل، فلما أنهى كلامه قال له: "أفرغت ياأبا الوليد فاسمع مني..."وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا استمع لأحد التفت إليه بكليته. إذن فمن أُسس هذا الفن وآدابه:
*أن أسمع إلى محدّثي أو محاوري.
*أن ألتفت إليه، أن أنظر إلى وجهه وحركاته، لتشجيعه على إبداء وجهة نظره.
*وأن أعطي ردّة فعــل (feed-bek)، وأتفاعل معه.
*وقد أقاطعه لعدم الفهم-وهي مقاطعة صواب- لأعطيه فرصة كي يشرح أكثر.
*أن لا أنشغل بشيء.
*عند حدوث إزعاج أطلب الإعادة.
*أستمر في الاستماع حتى ولو كان الرأي لا يعجبني.
*أستمر في الاستماع ولا أفكر في الردّ.
*الاستماع الجيد الفعال يحتاج إلى صبر وجلد.
*قبل أن تردّ وتبيّن وجهة نظرك، لخّص وجهة نظر المخالف، وبعدها يكون الرد حتى لا تقع في (أنت لم تفهمني جيدا، أنا ما كان قصدي كذا...إلخ.)
*الإنصات فن وليس معناه السكوت، بل أسمع وأتفاعل بكل حواسي، أشجعه لا أقاطعه للرد.
*ثم لماذا أستمع؟ أُخلص النية، أستعدّ أن أدافع عن الحق، وأن أرجع إلى الحق إذا لم يكن معي.
*هل أسمع لأجهز الردود؟
*هل أسمع ما يرضيني فقط، أم أسمع ما يغضبني أيضا؟
*هل أسمع فقط أم أركز وأنصت؟ قـال تعالـى:"وإذا قُرىء القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلّكم ترحمون." (204-الأعراف) إنه فن الإنصات.
*إذا قال المتحدّث كلاما يحمل الشرّ والخير أُؤَوّله على محمل الخير، كالمتشدّدين على الصوفية بأنّ قولهم كفر، لماذا لا أقول عنها بسبب الحب والصدق والروحانية العالية.
*لا نحمّل الناس ما لم يقصدوه ( لا، لا أنت قصدت كذا... ومن يدري؟)
*وحتى لا نخسر علاقاتنا نؤول إيجابيا، استعدادا للإنصاف ولو كان صادرا من مُخالف مهما كان أُحمّله المعنى الحسن: "التمس لأخيك سبعين عذرا، فإن لم تجد فلعلّ له عذر."
*إذن استمع وأنصت بعدل وإنصاف فإن قال حقا فاتّبعْه، وإنْ تبيّن خطأَك فتراجعْ.
إنّ معظم مشاكلنـا من عدم الاستمـاع إلى بعضنا البعض، من عدم فهم بعضنا بعض، وإذا كانت هناك وجهـات نظر للقضية الواحدة فلنستمعْ ولننصتْ ولنتفاهمْ ونعملْ فيما اتفقنـا عليه وليعـذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه. كلّ ذلك في تواضـع ورقّـة وليـن وعدم إحراج الناس، ومساعدتهم ورفعهم من الباطل إلى الحـق. فالحب والصدق والتواضع والرحمـة أخـلاق سامية تُبنى عليها علاقات دائمة، والأمر دائما يحتاج إلى إيمان ونضج وصبر وتضحية وفهم صحيح.
مهــارة الحــوار
الحوار مهارة إنسانيـة وسلوك حضاري لا غنى عنه، وهو جزء من المنهج الإسلامي الأصيـل. وحتى تكون حواراتنا ناجحة مفيدة ومثمرة لابدّ من احترام الشروط التالية:
* تحديد الهدف بدقّـة من الحديث أو النقاش أو الحوار.
* النية الحسنة والتوجه الصادق.
* الانتصار للحقّ وليس للغلبة أو التعصّب للرأي أو للفكرة.
* فهم طبيعة المتحاور معه، ووزنه جيدا، وإنزاله منزلته.
* الإلمام بطبيعة الظروف الزمانية والمكانية والاجتماعية وكل الملابسات الأخرى.
* طرْق النقاط ذات الأولوية في النقاش.
* مناقشة الأفكار السلبية والرد عليها بهدوء.
* الموازنة بين مكاسب وأضرار الحوار المتوقعة.
* الإحاطة بكل جوانب الموضوع المطروح للحوار وتحضيره مسبقا.
* البدء في الحوار بما هو متفق عليه.
* ملامسة نقاط التقاطع والمساحات المشتركة.
* بشاشة الوجه.
* حسن الاستماع والإنصات.
* عدم الاستئثار بالكلام وإبراز العضلات.
* احترام الطرف الآخر، وعدم إيذائه، والحرص الشديد على ذلك.
* عدم الغضب والانفعال حتى لا ننحرف عن السكة، ونقيم حاجزا نفسيا مع الطرف الآخر.
* ضرورة الاتزان، وضبط النفس والتحكم في الذات.
* حضور العقل، وسرعة البديهة، وسعة الأفق، والتركيز الدقيق.
* عدم الخروج عن الموضوع المطروق من جانبك، أو من جانب الطرف الآخر، والانسياق وراء
نقاط عارضة أو ثانوية.
* ضرورة التوقف كل فترة لمراجعة الهدف، وتصحيح الموقف إنْ لزم الأمر.
* عدم اللجوء إلى استدراج الطرف الآخر للوقوع في خطأ.
* عدم التسرع في التقييم والتعليق وإصدار الأحكام.
* عدم مقاطعة المتحدث وإعطائه الفرصة الكافية كي يستفرغ ما في جعبته.
نمـوذج لمحـاور متحضّـر
ألا وهو: "أبوحنيفة النعمان" صاحب المذهب الفقهي المشهور، أحد الأئمة الأعلام الأربعة، رضي الله عنهم أجمعين. مع سعة علمه، ودقّـة الفهم منه، كان يتواضع للعلم ولا يغترّ برأيه، ولا يحمل الناس عليه بل يقـول: "قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء بأحسن من قولنا فهـو أولى بالصواب منا." وهو يعنيه الوصول إلى الحق أولا وقبل كلّ شيء ومن أي طريق كان.وليس لديه شغف بالمجادلة أو المماراة، ولذلك نهى ابنه حماد عن الجدل والمناظرة في علم الكلام والعقائد، فقـال له ابنـه: "رأيناك تناظر فيه وتنهانا عنه ؟! فأجاب أبو حنيفة: "كنّا نناظر وكأن على رؤوسنا الطير مخافة أن يزلّ صاحبنا(أي مناظرنا) وأنتم تناظرون وتريدون زلّة صاحبكم، ومن أراد أن يزلّ صاحبـه فقد أراد أن يكفر صاحبه ومن أراد أن يُكفر صاحبه فقد كفر قبل أن يُكفر صاحبـه." فهل من معتبر؟ وهل من مقتدٍ؟
08 الخاتمــــة:
إذا كنت قد فقهت النجاح الحقيقي في الحياة، وأنه يسير على من يسره الله عليه، وأنّه بإمكانك أن تحقق ذلك. وكنت قد أجبت عن الأسئلة الكبرى ومنها: من أنا؟ وماذا أريد؟ وكيف أصل إلى مـا أريد؟ فعرفت نفسك ووزنك ومكانك الحقيقي وقيمتك في هذا الوجود، كما عرفت العلّة والغاية من وجـودك، وكذلك السبيل لتحقيق هذه الغاية النبيلة. وطبيعة المهمّة والدور المنوط بك، تكون قـد هيّأت كل الأسباب والمتطلبات اللازمة لانطلاقة جادّة نحو الأحسن، فبادر الآن ولا تنتظـر.
فصاحب الرسالة صاحب رؤيـة، طريقه معلومـة، غايته واضحة، أهدافه محـددة. شخص غير عادي، يتقن عمله، يخطّط ويرسم أهدافا، ينفّذ يقيم يراجع يعدل ليطور، هذا دأبه وديدنه، قد يبدو لك صامتا جامدا وحقيقته: فِكْر يحلّل، وروح تسمو، ونفس تزكو، وبدن ينمو صحيا، وإنتاج ينفع، ويد تعمل، شعاره "إنجازات تحققت وأخرى على طريق الإنجاز". شديد الحساسيـة لعامل الوقت لأنه يدرك قيمتـة وأهميتـه، لذلك تصبح الواجبات عنده أكبر من الأوقات. فهو منشغل بواجب الوقت، كي يعطي لحياته معنى ودلالة. يستثمر نعم الله عليه من صحّـة ومال ووقت وجهد وعلم ومعرفة وخبرة ونفس تعتبر، فيما يفيده وينفع غيره. يتمسّك بالعرفان بالفضل والجميل لواهب النعم ويشكره بكرة وأصيـلا، يتذكّر حقيقته دائما وأبدا، يستمدّ قوته وعونه من مولاه دائم الصلـة به، لأنه لا استقرار لعقله وفكره وقلبه إلا بالإيمـان، ولا راحة لجسـده وجوارحـه إلا بالإسلام ولا لروحه إلا بالتقوى. يتحلّى بالشجاعة وعدم الاهتمام بصغائـر الأمور، يتحمّل المسؤوليـة، يفي بوعده يقدّر الآخرين ويتعاطف معهم، يتعامل معهم بكل احترام، يتحلى بروح التسامح، يتعامل بمرونة، يتواصل بوضوح وشفافية، ينشد الحكمة قولا وفعلا، لأنّها النّور الذي ينير الطريق نحو صواب القول وصواب الفعل.وهكذا يُحدِث بتوفيق الله أولا، وبإرادته وسعيه الجاد التغيير لمنشود، ويحقق النجاح المرغوب، ويحوّل الحلم إلى واقع.
*عمل تطبيقـي، أكتب خطتك، ثم أقبل على تنفيذهـا.
ولتكنْ فرضا يُسْرى الخماسية. جزّئها إلى: سنوية، سداسية، ثلاثية. ثم إلى: شهريـة، أسبوعيـة، يومية. أذكر المدخلات والمخرجات. انتبه إلى ما يمكن أن تنجزه يوميا، راعِ الواقعية والمرونـة، حدّد ملمح الخروج الذي يُفترض أنه سيظهر كثمرة بعد تنفيذ الخطة النظرية وانتهاء المدة الزمنية المحددة سلفا. ثم أذكر المجالات وحدّد المتطلبات اليومية لكل مجال على حدى لتجسيد الأهداف المسطرة في البرنامـج المقـرر. وإليك هذا الجدول كمنطلق وكمثال ليس إلاّ وإلاّ بإمكانك أن تضيف أشياء أخرى.
09 جــدول توضيــحي :
التقويم الزمكانية أيام الأسبوع الإجراءات المستهدفة المجال الرقم
تعويض-تأجيل من-إلى.
–من:سا4-إلى:سا6 -كل يوم. رياضة:-الخميس -تنظيم مواعيد الأكل، والنوم،غسل الفم، ممارسة رياضة الكاراتيه أنا جسميا وبدنيا 1
قد تقضى -في وقتها-وفي المسجد -كل يوم -المحافظة على الصلوات في وقتها أنا روحيا وإيمانيا
2
عند السفريستدرك بعد صلاة.م.في.م. -كل يوم - قراءة القرآن الكريم.
عند السفرتقرأ باختصار بعد صلاة.م.في.م. -كل يوم -الدعاء(الوظيفة الصغرى)
/ -المسجد العتيق-قبل صلاة العشاء -الأحد-الثلاثاء-الخميس -حضور مجلس ذكر وعلم
/ -بعد الظهر،بالمكتب - الاثنين -التدريب على مهارة الإعلام الآلي أنا معرفيا وثقافيا 3
/ -بعد صلاة.م.العتيق -كل يوم -حفظ آيات من القرآن الكريم
/ -بعد صلاة.ع.بالبيت -الخميس، والجمعة -قراءة صفحات من كتاب........
/ -بعد صلاة.ع.بالبيت -كل ليلة -متابعة بعض القنوات الجادة كقناة إقرأ ...
المراجــع:
1) "جدد حياتك" للشيخ محمد الغزالي.
2) "صناعة النجاح"-الدكتور:طارق السويدان.
3) دروس بقناة الرسالة للدكتور محمد راتب النابلسي
4) "شرح الحكم العطائية"-الدكتور:محمد سعيد رمضان البوطي.
5) "قوة عقلك الباطن"-الدكتور:جوزيف ميرفي.
6) أقوال في التنمية البشرية والذاتية، قنوات:النجاح، الرسالة، إقرأ...
الفهـــرس
الموضـــوع الصفحــة
الباب الأول: كيف أنجح في الحياة؟
1- المقدمة:أين الخلل؟ طرح الإشكالية................. 06
2- صناعة التفكير..................................... 17
3- فقه النجاح......................................... 26
الباب الثانـي: قيـادة الــــذات
4- المحطة الأولى الوعي بالذات(من أنا؟)............. 42
5- المحطة الثانية: الغاية من الوجود(ماذا أريد؟)...... 68
6- المحطة الثالثة: تنظيم الذات ...............71……
الباب الثـالث: المهـارات العشــر
7- مهــارات لا بــد منـــها:
مهارة إدارة الوقت.......................... 89
مهارة التخطيط.............................. 93
مهارة البحث والاجتهاد في طلب العلم........ 96
مهارة المرونة والقدرة على التكيف.......... 98
مهارة الصبر وقوة التحمل.................. 101
مهارة الأثر وترك البصمات............... 102
مهارة الاتصال والتواصل.................. 104
مهارة الفهم والتفاهم......................... 106
مهارة الاستماع والإنصات.................. 108
مهارة الحوار................................. 110
8- الخاتمــــة................................... 112
9- جـدول توضيحي................................. 114